بسم الله الرحمن الرحيم
فكرت بالإكتفاء بالوقوف .. و أن اصوم ثلاثة ايام .. ولكن لا .. لن اصل الى هنا ثم اقف .. يجب
ان اكمل .. ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... بل سأجلس خارجه قليلا حتى تأنس نفسي
ما أشد ظلمته .. وما أشد ضيقه ..
كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ..
... سبحان الله ..
يبدوا أن الجو قد ازداد برودة ..
أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر.. هل هذا صوت الريح
.. ليس ريحا .. لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! ...هل هي وسوسة أخرى ؟؟؟
استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ثم انزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم جلست
وقد ضممت ركبتي امام صدري اتأمل هذا المشهد العجيب
إنه المكان الذي لا مفر منه ابدا
.. سبحان الله ..
نسعى لكي نحصل على كل شئ . وهذه هي النهاية .. لاشئ
كم تنازعنا في الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على القرآن ..
والكارثة اننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرنا الله ورغم ذلك نتجاهل ..
ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت... وكأني خفت أن يرد علي أحدهم
يا أهل القبور .. مالكم .. أين أصواتكم .. أين أبناؤكم عنكم اليوم .. أين أموالكم ..
أين وأين .. كيف هو الحساب .. اخبروني عن ضمة القبر .. أتكسرالأضلاع ..
أخبروني عن منكر و نكير .. أخبروني عن حالكم مع الدود
.. سبحان الله ..
------------ --------- ----
نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد او لا يوافق شهيتنا .. واليوم نحن الطعام
لابد من النزول إلى القبر
قمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي ..
وأنا أفكر .. ماذا لو انهال علي التراب فجأة ... ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ...
ثم نمت على ظهري واغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... حتى تخف هذه الرجفة التي في الجسد ...
ما أشده من موقف وأنا حي ..
فكيف سيكون عند الموت ؟
------------ --------- ------
فكرت أن أنظر إلى اللحد .. هو بجانبي ... والله لا أعلم شيئا أشد منه ظلمه ..
وياللعجب .. رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه ..
فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف
خفت أن انظر اليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران الى بقسوة ..
أوأن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظرا إلى الأعلى متجاهلني تماما ..
او كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأى رجلا جحظت عيناه بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه ..
وكأنه ضرب بمطرقة من حديد لونزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ...
ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم .. حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد ..
ليس بي من الشجاعه أن أخاطر وأرى أي من هذه المناظر .. رغم علمي أن اللحد خاليا ..
ولكن تكفي هذه الأفكار حتى أمتنع تماما وإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة
ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا إله إلا الله إن للموت سكرات
تخيلت جسدي يرتجف بقوه وانا ارفع يدي محاولا ارجاع روحي وصراخ أهلي من حولي عاليا
.... أين الطبيب أين الطبيب....
( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إله إلا الله ...
تخيلتهم يمشون بي سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ...
اعلم انه يحب أن يكون أول من ينزل إلى القبر ..
تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع ويصرخ فيهم .. جهزواالطوب ...
تخيلت احمد .... كعادته يجري ممسكا إبريقا من الماء يناولهم إياه بعدما حثوا علي التراب ..
تخيلت الكل يرش الماء على قبري ..
تخيلت شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل ..
أدعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل ........
ثم رحلوا وتركوني
وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قد ظهروا بأصوات مفزعة ..
وأشكال مخيفة .. لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض..
أهو العبد العاصي ؟...
فيقول الآخر نعم ..
فيقول .. أمشيع متروك ... أم محمول ليس له مفر ؟ ...
فيقول الآخر بل محمول إلينا ..
فيقول هلموا إليه حتى يعلم إن الله عزيز ذوانتقام .
............ .....
. رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ... ما غرك بربك الكريم حتى تنام عن الفريضة ..
أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته ..
لا نجاة لك منا اليوم ... أصرخ ليس لصراخك مجيب
فجلست اصرخ رب ارجعون ... رب ارجعون ...
وكأني بصوت يهز القبر والسماوات
يملأني يئسا يقول
( كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )
............ ......... ...
حتى بكيت ماشاء الله ان ابكي ..
وقلت الحمدلله رب العالمين ..
مازال هناك وقت للتوبة
استغفر الله العظيم وأتوب إليه
ثم قمت مكسورا ... وقد عرفت قدري وبان لي ضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما
بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول
سبحان من قهر الخلق بالموت
خاتمة
من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته و ليفعل ما يشاء
( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )
وليلهو وليسوّف في توبته فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه
القهار ولم يبالي بتحذيره ... و لم يبالي بعقوبته ... و لم يبالي بتخويفه
أسألكم بالله أي شجاعة فيكم حتى لا تخيفكم هذه الآية
( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا وشوفتو معايا اذا نصف ساعه ماتحمل
كيف حنتحمل بعدين
اسئل الله لنا ولكم المغفره
والنجاه من عذاب القبر ومن ظلمه القبر