يصنع النحل خلاياه ويقويها ويلصقها ببعض بواسطة مادة راتينغ صمغية يستمدها من نسغ مختلف الاشجار ومن هذه المادة الراتينجية واسمها اللاتيني (بروبولس) استمد العلماء الالمان من جامعتي دورتموند وبوخوم (غرب) مادتهم الجديدة القاتلة لخلايا السرطان. وذكر البروفسور بيتر رويش رئيس قسم العقاقير السريرية في جامعة بوخوم ان المادة فعالة جدا في مكافحة نوع من الامراض السرطانية الخطيرة التي يطلق عليها اسم (نيوروبلاستوما) اي (الاورام الجذعية العصبية) ويعتبر هذا النوع من الامراض السرطانية من أشدها فتكا بالشباب تحت عمر 15 سنة ويصيب في المانيا 18 طفلا جديدا سنويا، والخطير في النيوروبلاستوما أيضا انه لا يتأثر بالعلاج الكيمياوي ويعتبر من الاورام الخبيثة القاتلة كما تعتبر أنواعه التي تصيب الدم والدماغ والعقد الليمفاوية من أخطرها علي حياة الاطفال.
وأكد رويش أن العقار المستمد من راتينغ النحل قادر علي قتل خلايا النيوروبلاستوما أو اضعاف مقاومتها للعقاقير الكيمياوية كحد أدني. وأوضح أن العلماء لم يستخدموا راتينغ (بروبوليسم) المباشر وانما استخدموا مادته المركبة التي يفرزها النحل بعد أن تكون أجساده قد عملت عليه التغيرات الاختمارية البيولوجية اللازمة. ويحتوي راتينغ النحل علي مختلف المواد التي سبق استخدامها في الطب وتعود شهرة المادة المستخلصة منه الي قدرتها علي مكافحة الفطريات والبكتيريا التي تهاجم خلايا النحل، ومن بين المنتجات التي تستخدم راتينغ الاشجار في الطب مستحضرات التجميل والكريمات ومعجون الاسنان ومحاليل غسل الفم ومراهم معالجة الجروح والقروح.
ونجح رويش وزميله ديفيد دياز كارباللو باستخلاص جزيئة قاتلة للسرطان من راتينغ النحل بعد 3 سنوات من التجارب وأطلق العالمان علي الجزيئة اسم (كلو52 ج واستمدت اساسا من راتينغ النحل الذي استمده بدوره من شجرة (تفاح بلازما) الاسم العلمي (كلوزيا روزيا). ويبحث العالمان حاليا عن طريقة مختبرية لتحضير جزيئة (كلو52) من المواد الصناعية ويحاولان بهذه الطريقة تجنب الاعتماد علي الطرق الطبيعية المكلفة من البداية.
وأشار رويش الي ان التجارب الاولية تعد بعقار جديد وفعال ضد السرطان وخصوصا ضد أورام النيوروبلاستوما. وأثبتت التجارب المختبرية نجاح (كلو52) في قتل الخلايا السرطانية بدون الاضرار بالخلايا السليمة. كما أصيب العلماء بالدهشة بسبب انعدام الاعراض الجانبية والتفاعلات الجانبية تقريبا. وينوي العالمان أيضا التعرف عن قرب علي طريقة عمل (كلو 52) علي الخلايا السرطانية. وقال رويش ان ما يعرفانه حتي الان هو أن الجزيئة تنشط جينا مضادا داخل الخلايا السرطانية ويعمل الاخير علي تدميرها من الداخل وتعالج 9 بالمئة من أمراض الاطفال السرطانية في مراكز خاصة بينها مركزا دورتموند وبوخوم تدعمها جمعية السرطان الالمانية. وعدا عن الصعوبات التي تواجه الاطباء في الحالات المعقدة مثال أورام النيوروبلاستوما فان هذه المراكز تعالج 8 بالمئة من الاطفال بنجاح. ونال مشروع رويش وزميله ديازكارباللو للبحث في راتينغ النحل مبلغ ربع مليون يورو دعما من مركز مكافحة السرطان الالماني في العاصمة برلين