أقل مقارنة بين حالك حين الغفلة وظلمة المعصية ، وبين لحظات نقائك وشفافيتك حين التضرع والبكاء إلى الله ، كفيلة بأن تأصل في نفسك التمييز بين حقارة الدنيا ، وعظـيم شأن الآخرة .
• طوبى لمن خُتم له بخير ، وترك في الناس أثراً يذكرونه على إثره بكل خير ؛ فإن ذلك هو سعيد الدنيا والآخرة
• للصدق أبعاد حسب وجهات نظر الناس ، فمنهم من يصدق في عامة حديثه ، ويلجأ إلى الكذب في بعضه ، ومنهم من يكذب في عامة حديثه ، ويلجأ للصدق في بعضه ، ومنهم من يصدق في عامة حديثه إلى مدىً محدود ، فإذا ما بالخناق يضيق عليه في بعض المواقف ، أو خشي من فوات مصلحة في مواقف أخرى ؛ لجأ إلى الكذب ، ومنهم من حاله كذلك ، غير أنه يستبدل الكذب بالمواراة ، التي تؤدي في بعض الأحيان إلى الكذب _ متى أفرط في استخدامها _ والنادر من الناس من يصدق في عامة حديثه دون لجوء لأي نوع من ألوان الكذب أو المواراة ، فإذا ما وفقك الله للتعرف على مثل هذا العبد ، فامسك بتلابيبه ؛ فإنه عملةٌ نادرةٌ في هذا الزمان ؛ لأنه إذا أحبك أخلص إليك ، وأوفى فيك ذمته ، وإن لم تحظَ بحبه ، فلن ُتحرم أمانته ، وسوف يوافيك حقك على الوجه الذي ترضاه . . إذ بصحبته تكون النجاة .
• توقف عند كل كلمةٍ أو فعلٍ تقوم به ، فموازين الله في الجزاء والعقاب ، تختلف تماماً عما يمكن أن تتصوره ، إذ يمكن دخول الجنة بكلمةٍ ، أو الحرمان منها أيضاً بكلمةٍ ، حتى لو أنفقت معها ملء الأرض ذهباً لتفتدي به ، كما أن دخول النار أو الاحتجاب عنها ، يمكن أن يكون بفعلٍ صغيرٍ أو قولٍ يسيرٍ تستهين بوزنه ، ولا تعبأ بفعله ؛ إلا أنه عند الله كبير . . وفي عرصات يوم القيامة أمرٌ عظيمٌ ؛ إذا ما وضع في الميزان لك أو عليك ، فارحم نفسك بتقوى الله ، ولا تهلكها بالغفلة والبعد عن الله ، فاليوم عملٌ بلا حساب ، وغداً حسابٌ بلا عمل ، وسل ربك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرشد ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، فإن رزقك الله ذلك فهنيئاً لك النجاة .
• أنت في هذه الدنيا بين لئيمٍ لا تأمن غدره ، وبين خائنٍ تترقب خيانته ، وبين منافقٍ يتربص بك وبين طامعٍ يتحين فرصة الاستيلاء عليك ، وبين حاقدٍ يعتصر قلبه حقداً عليك ، وبين فاجرٍ يسخر منك ، وبين سفيهٍ تخشى أن يضر بك ، وبين مجتمع لا يعبأ بمثلك ، فسل الله السلامة والنجاة ، إذ لا منجى لك من هذه الفتن سواه .
• الطبع غلاب . . هكذا يقولون ، والواقع يشهد بصدق هذه المقولة ، فكثير من الناس يحاول إظهار نفسه بغير صورته الجوهرية ، إلا أن لسانه يفضحه ، وذلك لأن قلبه تشرب ما اعتاده من الطباع ، فيفشيها اللسان أثناء الكلام ، فتعرفها منه في لحن القول ، إذ أن اللسان مغرفة القلب .
كلما تعمقت علاقاتك الدنيوية ، وكثرت تعاملاتك المادية ، كلما تجردت نفسك من شفافيتها واكتسبت من الصفات ما يؤهلها للإشراف على هلاكها ، والخير أن تلقي بالدنيا وراء ظهرك حرصاً على دينك ، ونجاةً لآخرتك ، وسلامةً لقلبك ، وإخلاصاً لربك ، وإلا فانظر إلى نفسك بعد فترةٍ من تلك التعاملات ، فسوف تجدها قد انتقلت إلى عالمٍ من الضياع والتردي ولا يهلك على الله إلا هالك ، فسل ربك السلامة والتثبيت ، واقنع من الرزق بما يسترك وعن سؤال الناس يغنيك .
• لم يفز العاصي بأي شيء على وجه الإطلاق ، فلحظة متعته سريعة الزوال ، وآثار شؤمها على النفس دائمة الكآبة مؤرقة للبال ، إذ بها صارت عناية الله عنه بعيدة المنال ، بل صار غضبه عليه وشيك الإنزال ، ومن ثم يمضى لقبره دون ما زاد من الأعمال ، ويصبح رهين حساب ليس له به أي طاقة أو احتمال ، فبأي شيء فاز العاصي سوى المهانة والمذلة والخسران ؟!
• وحدك لا تستطيع فعل شيء . . وحدك ضعيف أمام كل شيء . . وحدك لا تقوى على مواجهة أي شيء . . وحدك فقير من كل شيء . . وحدك محتاج لكل شيء . . وحدك غير آمنٍ على أي شيء . . وحدك عاجز عن كل شيء . . فلماذا لا تلتصق برحاب ربك الذي بيده ملكوت كل شيء ؟
• الشيطان والنفس والهوى والفقر والمرض والخوف والنفاق والرياء والحقد والحسد والغيبة والنميمة والغدر واللؤم والخيانة والفجر والعهر والكفر والشرك الرذيلة والبغي والظلم والفساد والفسق كلهم أعداء متربصون بك ؛ كي ما ينالوا من دينك ، ولا عصمة لك إلا بربك ، فبقدر حرصك على النجاة من سنان حرابهم ، بقدر ما ينبغي أن يكون التصاقك بربك ، وبقدر تفريطك في أمر ربك ، بقدر ما يمكن أن تصيبك تلك الحراب !!
• سباقٌ رهيبٌ يجري بين طالبي الدنيا والآخرة ، فطالبي الآخرة يركضون لإدراك النهاية ، وطالبي الدنيا يتقهقرون رافضين التزحزح عن نقطة البداية ، إلا أن خطى الأيام تجرفهم نحو النهاية جرفاً مهيناً وهم منهزمون ، فلا الدنيا لهم بقيت ، ولا الآخرة لهم سعدت ، فبئس السباق سباقهم إذ كانوا منشغلين عنه بدنياهم